قصر الباهية في مراكش جوهرة تحكي قصة حب قديمة

قصر الباهية، جوهرة تضيء مراكش، وتستقطب الزوار من كل بقاع العالم. تحكي جدرانه ملحمة عشق بين سلطان مغربي والحسناء بهية. سكنه الملك الراحل محمد الخامس، وحوله إلى معلم تاريخي.

فما هي أسطورة بناء هذا القصر العظيم؟ ولماذا ارتبط اسمه بالمثل المراكشي، كملات الباهية؟

قصر الباهية

ما هي قصة قصر الباهية؟


قصة المثل المغربي "كملات الباهية"


جرى مثل "كملات الباهية" على ألسنة أهل مراكش لزمن طويل، ثم أصبح مثلا دارجا على ألسنة المغاربة جميعا.

وبحسب الروايات التاريخية، فإن هذا المثل ترتبط قصته باسم قصر الباهية، الذي يتربع في مراكش.

ترتبط قصة بنائه بقصة عشق ترتقي لتوصف بالملحمة بين أحمد بن موسى البخاري، سليل الجيش البخاري، والحسناء بهية، ابنة باشا مراكش.

تلك القصة التي انتهت قبل أن تبدأ، فاعتبرت رمزا للحزن والألم والأسى.

بهية والصدر الأعظم


قبل قرن ونصف، عاش الوزير أحمد بن موسى الشرقي، المعروف باسم (باحماد). وكان باحماد وصيا على السلطان الصغير عبد العزيز، بعد وفاة والده السلطان الحسن الأول.

فتولى باحماد شؤون الدولة، وذلك في أواخر القرن التاسع عشر، بينما كان والده سي موسى يشغل وظيفتي الحاجب والصدر الأعظم زمن السلاطين محمد الرابع والحسن الأول.

وقد أخذ باحماد لقب الصدر الأعظم من بعده.

وتحكي الروايات أن باحماد وقع في غرام شابة رائعة الجمال من أصول رحمانية، كان اسمها بهية، وكانت نجلة ابن داوود باشا مراكش حينها.

فخطبها وقرر أن يهديها هدية فريدة، لم يسبق لعاشق أن أهداها لحبيبته.

قصر الباهية هدية الصدر الأعظم لحبيبته


ليشرع في تشييد قصر لا نظير له آنذاك، وسماه قصر الباهية تيمناً بحبيبته، حيث اشترى آنذاك 60 داراً و14 من الحدائق الفسيحة، شيد عليها هذا القصر العظيم ليسرد في كل تفصيلة منه قصة حبه لبهية.

وقد ركز كل جهوده وتفكيره في هدية زواجه إلى درجة أنه كلما سئل عن أمر، يجيب "حتى تكمل الباهية".

وما أن شارف القصر على الاكتمال، ولم يبق إلا أن يجمع البناؤون عدتهم ويغادرون الباهية، حتى لفظ الصدر الأعظم أنفاسه الأخيرة قبل أن يطأ القصر هو وحبيبته.

وبعد وفاته، تكاثرت المصائب على بهية وأهلها، فهي لم تتحمل فراق باحماد، ففارقت الحياة بعد أقل من سنتين.

وقبل أن تتوفى، شهدت نفي والدها باشا مراكش، عياش بن داود، وجميع أفراد أسرته وأقاربه، ونفي جميع أفراد أسرة باحماد أيضاً.

ومنذ ذلك الوقت، يجري على ألسنة أهل مراكش المثل المغربي "كملات الباهية"، في إشارة إلى المصائب التي جرت بعضها بعد اكتمال بناء قصر الباهية.

مكانة قصر الباهية


بعد وفاة الصدر الأعظم، تم ضم قصر الباهية إلى حظيرة القصور الملكية، وقد شيد فوقه الوزير الصدر الأعظم المدني الكلاوي، شقيق باشا مدينة مراكش، طابقاً علوياً.

كذلك، اتخذه المقيم العام الفرنسي، الماريشال لويس هوبير ليوطي، مقراً له بعد أن أدخل عليه بعض التعديلات المرتبطة بالثقافة الفرنسية.

وبعد وفاة ليوطي، تم وضع قصر الباهية تحت تصرف الضباط، واستمر الأمر كذلك حتى الاستقلال، حيث نزل في قصر الباهية الملك المؤسس للمغرب، محمد الخامس، وبعض الأمراء المغاربة استخدموه كنزل ملكي أيضاً.

عام 1924، تم تصنيفه ضمن المباني التاريخية والتحف الفنية المحمية، ويعد معلماً مراكشياً مهماً، حيث يضم عدة أجنحة وقاعات وملحقات وأحواض وحدائق، إضافة إلى حديقته الرائعة التي يتوسطها صهريج معروف باسم "أكدال باحمد".

وللقصر شهرة عالمية، حيث شهد تصوير عدة أفلام من قبل مخرجين عالميين وعرب استخدموا قصر الباهية لتصوير أفلامهم داخله، لعل أبرزها فيلم "علي بابا" للمخرج جاك بيكر، و"كازابلانكا" لمايكل كورتيز، إضافة إلى مسلسلات سورية تاريخية عديدة.

قصر الباهية معلم سياحي مغربي مهم


قصر الباهية، البهي بكل معنى الكلمة، يفتح أبوابه اليوم للزوار من كل أنحاء العالم.

كما أن الحكومة المغربية في بعض الأحيان تستقبل فيه الضيوف الخاصين والشخصيات الأجنبية البارزة.

فهو قطعة فنية بهية المنظر، إذ يظهر كتحفة معمارية حضارية مهمة، ووثيقة تاريخية تحكي تقاليد أهل مراكش وأنماط عيشهم، وكأن عشق باحماد لبهية منحه نبضاً وحياة لا تنتهي مهما طال به الزمن.

فما رأيك بهذا القصر؟ وهل كنت تعرف قصة مثل "كملات الباهية" من قبل؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال